«الـتـهـويـد».. تزوير الهوية لإقناع العالم بـ«عاصمة اسرائيل الأبدية»

مساء الخير

«الـتـهـويـد».. تزوير الهوية لإقناع العالم بـ«عاصمة اسرائيل الأبدية»

تشكل مدينة القدس رمزية الصراع العربي الإسرائيلي ومحوره ومكونه الحضاري والسياسي في آن، وتبرز سياسة التهويد لأرض القدس وسكانها وأماكنها المقدسة، مدى ترسخ الإجماع اليهودي حولها والذي يحمل مفردات: مصادرة الأرض، وبناء المستوطنات، وتهجير الفلسطينيين من موطنهم، وإحلال المستوطنين فيها، وإزالة معالم المدينة العربية والإسلامية وإفقادها طابعها الديني والحضاري. وهي سياسة لا تتبدل، بل تحولت الى عقيدة ثابتة للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، وآخرها استئناف النشاط الاستيطاني مؤخراً بأحياء المدينة المقدسة. عملت الحركة الصهيونية، ومنذ أن تبلورت بنيتها التنظيمية بعد مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897م، على تطوير مفاهيم لسياسة تعبوية في صفوف يهود العالم تسعى لإحداث تغيرات جوهرية في البنى الفكرية والاجتماعية والسياسية لليهود، مستغلة الظروف والأوضاع غير المستقرة التي كانت تجتاح معظم دول العالم، ومستفيدة من كل مرحلة تحول في الساحة العالمية، وبدأت الحركة الصهيونية بضخ جملة من الأفكار إلى أذهان وعقول اليهود في العالم لتهيئ الأجواء المساعدة والدافعة نحو تحول في مفهوم الفكرة الدينية لليهود من المستوى الديني العقائدي إلى المستوى القومي والاجتماعي، ليس هذا وحسب وإنما توظيف واستغلال بعض المفاهيم الدينية حول شعب الله والشعب المختار بهدف إظهار اليهود كأقلية قومية في المجتمعات التي يعيشون فيها، ولتعزيز هذا الشعور لدى اليهود أنفسهم. وترجمت الحركة الصهيونية هذه الأفكار من خلال توجيه العواطف والمشاعر اليهودية نحو فلسطين، وذلك لبلورة فكر وطني قومي لدى يهود العالم تجاه فلسطين، ثم انطلقت ببرنامجها السياسي للتأثير على القوى السياسية في العالم والمنطقة لتحقيق الأهداف الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، مستندين إلى مفاهيم دينية خاصة في تفسير حق التواجد بفلسطين، متجاهلين التاريخ الاجتماعي والوطني والديموغرافي لهذه المنطقة، وتصرفت كأن هذه الأرض بلا شعب تنتظر شعباً بلا أرض، وسلطت الحركة الصهيونية الضوء على القدس في التعبئة الفكرية والأيديولوجية لها، إلا أنه لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن مؤسسي الحركة الصهيونية لم يكن يشغلهم بشكل محدد موضوع القدس، وإنما شكَّل هذا الموضوع احدى وسائل الجذب استناداً للمكانة التي اكتسبتها المدينة للاعتقاد بأن الهيكل كان مبنيا فيها، وأما ما كان يشغلهم فهو موضوع الدولة والكيان القومي بشكل محدد، لدرجة أن وايزمان رئيس المؤتمر الصهيوني قال : "لو أعطيت القدس لنا فلن نأخذها لأنها ستثير مشاكل لا حصر لها"، فجوهر الفكرة الصهيونية كان إقامة دولة يهودية في فلسطين، أما موضوع القدس فهو جزء من تفاصيل المشروع الصهيوني الهامة . وفي عام 1903 قام تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية بزيارة إلى فلسطين، وكان قبلها قد قابل الإمبراطور الألماني جليون وقدم له مذكرة عن أهداف الحركة الصهيونية في فلسطين وخلال زيارته جال هرتزل مختلف المستوطنات اليهودية التي أقيمت في فلسطين، وكذلك قام بزيارة مدينة القدس. وكانت التوجهات الصهيونية للاستيطان في قلب مدينة القدس حتى ذلك الوقت، لكن هرتزل صدم بما شاهده في المدينة من طابع عربي إسلامي سواء على مستوى العمارة والتاريخ أو على مستوى حجم الفلسطينيين في المدينة وعددهم حينذاك حوالى 25 ألف مواطن بينما كان هناك قلة من اليهود يسكنون البلدة القديمة، وقد أثر ذلك بشكل أو بآخر على وجهة الاستيطان الإسرائيلي في مدينة القدس بعد ذلك، حيث بدأ الإسرائيليون يبحثون لهم عن قدس خارج القدس وبدأوا بإنشاء المستوطنات اليهودية في القدس الغربية، وقد ساهمت الحكومة البريطانية وشجعت هذا التوجه وبدأت بإعداد المخططات الهيكلية التي توسع مدينة القدس باتجاه الغرب، والتي تستوعب من خلالها الأحياء اليهودية كمرحلة سابقة لأي تطور في الصراع. وبعد اتفاق الهدنة عام 1949م، كان اليهود قد أقاموا مدينة أخرى في محيط القدس، وقاموا باحتلالها وضموا إليها الأحياء العربية في القدس الغربية وعدداً من القرى والبلدات المحيطة بها.
التقسيم
أولا : القدس الغربية: خلال حرب عام 1948م وبسبب الأعمال الحربية قسمت المدينة إلى قسمين شرقية تتبع الحكم الأردني للضفة الغربية ، وغربية تتبع الدولة اليهودية الناشئة (إسرائيل)، ووضع خط التقسيم بتاريخ 1948/7/22م، ثم بتاريخ 1948/11/30م تم توقيع وقف إطلاق النار (الهدنة)، وبذلك قطع الاتصال بين جزئي المدينة، وبعد سقوط القدس بأيدي الإسرائيليين سيطروا على حوالي 38 كم هي مساحة القدس الغربية إلى جانب أراض فلسطينية أخرى، وقامت بتدمير 43 قرية وبلدة مجاورة بعد تهجير سكانها بارتكاب أبشع المجازر بحقهم كما حصل في مذبحة دير ياسين ، وتم تحويلها إلى تجمعات يهودية وضم أراضيها إلى ما أسمته بالقدس الغربية ،وشكلت 80% من مساحة القدس الكلية .
وضمت أحياء البقعة الفوقا والتحتا والقطمون والطالبية وماميل والشماعة وعين كارم وبلديات لفتا ودير ياسين والمالحة، وأجبر حوالى 80 ألف فلسطيني على ترك القدس الغربية ووضعت أملاكهم في أيدي حارس أملاك الغائبين، علماً بأن معظم أملاك القدس الشرقية هي أملاك فلسطينية 40% أملاك مواطنين فلسطينيين 34% أملاك أوقاف إسلامية ومسيحية.
وبعد إعلان القدس الغربية عاصمة لإسرائيل ، بدأ الإسرائيليون بجلب المستوطنين إليها من مختلف المناطق وتوجيه القادمين الجدد باتجاه القدس، وبناء أحياء جديدة لاستيعابهم، حيث تم بناء الأحياء التالية منذ عام 1948م وحتى 1967م: كريات القرى غرب شمال روميما - كريات هئونيفيرتا جنوب غرب التجمع الجامعي للجامعة العبرية - كريات هداسا إلى الغرب من القدس مستشفى طابع للجامعة - بسجات زئيف غرب القدس - قموميون وسط القدس - جبعات هيورتسيم - ضاحية توطين الطمطون - كريات فرديم عام 1951م - كريات يوفال عام 1955م - كريات إمت عام 1955م - جبعات مردخاي عام 1955م - كريات دافيد بن جوريون عام 1955م - كريات مناحيم عام 1955م - عير جنيم عام 1961م - نيوز عام 1961م - كريات متروسورف عام 1963م - جبعات هيكرن عام 1963م - رمات دانيا عام 1963م.
وفي عام 1952م تم توسيع حدود القدس الغربية إلى القرى العربية التي أجلي عنها سكانها : عين كارم والمالحة ودير ياسين ولفتا لتصل إلى 525 كم مربع حيث أعد المخطط الهيكلي عام 1955م الذي صودق عليه عام 1959م، وتناوبت على إدارة بلدية القدس لجان مدنية وعسكرية حتى عام 1950م، وحُل المجلس عام 1955م بسبب المشاكل بين العلمانيين والمتدينين، وعانت المدينة من مشاكل اقتصادية بسبب الهجرة.
الهجرة اليهودية للقدس
بدأ تشجيع الهجرة اليهودية إلى القدس الغربية فور قيام الدولة العبرية، وقد سجل الإحصاء الأول للسكان في شهر نوفمبر من عام 1948م وجود 84 ألف نسمة في القدس الغربية، وفي 1949 وصلوا إلى 103 الآف، وأظهر إحصاء 1961م وجود 167 ألف نسمة، ووصلوا في يونيو 1967م إلى 197 ألف نسمة وذلك من خلال عملية تهجير منظمة للسكان باتجاه القدس الشرقية وتسكين المستوطنين الجدد بها.
وقد بدأ الإسرائيليون بإنشاء مؤسساتهم الرسمية الحكومية والاقتصادية والاجتماعية في القدس الغربية، وأعلنت عاصمة لإسرائيل، وأقيم فيها الكنيست ومقر الحكومة والوزارات والإدارات الحكومية المختلفة وأنشأت المؤسسات الخدماتية والبلدية، وقاموا بطمس المعالم العربية في الجزء الغربي من مدينة القدس بشكل شبه كامل وأحلوا السكان اليهود مكان الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة هذا الجزء من المدينة الذي اعتبر لغاية 1967 عاصمة لإسرائيل.
ثانيا: القدس الشرقية: هي القدس القديمة أو كما يطلق عليها القدس العتيقة وهي تلك الموجودة داخل سور سليمان القانوني وطول السور 4،20 كم، وتقوم على أربعة جبال هي: الموريا، وصهيون، وأكرا، وبزيتا. أما الحرم القدسي الشريف فيقع في الجنوب الشرقي للقدس القديمة فوق جبل الموريا. ويضاف إلى القدس القديمة الأحياء التي أقامها المسلمون خارج السور مثل: حي الشيخ جراح، وحي باب الساهرة، وحي وادي الجوز، وظهر هذا الاسم نتيجة التركيز السكاني قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948م حيث تركز المسلمون بأغلبية كبيرة في القسم الشرقي في حين تركز اليهود في القسم الغربي. وتعبير القدس الشرقية هو أول محاولات التقسيم السياسي والمعنوي للقدس ، وكان هذا القسم من القدس تحت السيطرة العربية حتى عام 1967م.
وبعد احتلال الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية في العام 1967م قامت إسرائيل بضم القدس الشرقية إلى إسرائيل (6000 دونم) مضيفة إليها مناطق أخرى من الضفة الغربية بلغت (66 ألف دونم) حيث بلغ مجموع ما تم ضمه 72 ألف دونم إلى القدس الغربية التي تم الاستيلاء عليها عام 1948م والتي وصلت مساحتها عام 1967م إلى (38 ألف دونم) أي أن المساحة التقريبية لمدينة القدس بعد الضم عام 1967م وصلت لحوالى 110 آلاف دونم.

وتقبلوا خالص تحياتي واحترامي @

الله يعطيك العافيه

على الخبر

تقبل مروري

اخوك

المجهول

شوووهد ما سبق

المجهول

الله يعطيك العافية

ومشكور على الرد

وتقبل تحياتي@